إستعادت منافسة دوري أبطال أوروبا نشاطها في الأسبوع الماضي ودخل 16 ناديا السباق المحموم لمعانقة اللقب النفيس والغالي الذي يحلم به كل فريق أوروبي ويتمنى أي لاعب أن يعانقه، ولأن هذه المنافسة لا تعترف إلا بالكبار وهي المقياس الحقيقي لكل فريق يريد أن يعرف مكانته وقوته وخبرته ودرجة وزنه، فقد انتظرنا ما يمكن أن يفرزه ذهاب هذا الدور، خاصة أنه جمع كوكبة من أغلى وأقوى أندية القارة العجوز، إذ سجلت نتائج مدوية كان أهمها الفوز العريض الذي عاد به بايرن ميونيخ الألماني من لشبونة عندما دك شباك سبورتينغ البرتغالي بخماسية نظيفة، بيد أن أكثر النتائج إشعاعا كانت الخسارة التي مني بها ريال مدريد الإسباني بمعقله >البيرنابو< بهدف للاشيء أمام ليفربول الإنجليزي، خسارة إن رآها البعض الآخر غير متوقعة فإنها تستحق الوقوف عليها، إذ قدمت العديد من الدروس المجانية وخلصت لمجموعة من النقاط·
لم يكن الإصطدام يقتصر على ريال مدريد وليفربول، بل تعداه إلى حوار مباشر بين البطولتين الإسبانية والإنجليزية أي من الأجدر بالريادة والقوة، ذلك أن مجريات المباراة أكدت أن التفوق كان في كفة الإنجليز ليس لأن فريق >الريدز< فاز بالبيرنابو، ولكن لأنه استطاع أن يشل حركة ماكينة الفريق الأبيض، استطاع أن يوقف نجومه واستطاع أن يكسر عناد النهج التكتيكي الإسباني الذي نعرف أنه يعتمد على السرعة في العمليات والمهارات الفنية·
برأيي بينيتيز تفوق على راموس، لأنه واجهه بأسلحة فتاكة تعتمد على تكسير العمليات بشتى الوسائل وملإ الوسط وتحصين الدفاع، وعندما ندرك أن أسلوب الهدم هو أسهل من البناء، سنجد أن ريال مدريد لاقى جملة من الصعوبات في بناء عملياته وبلوغ المرمى، وهو ما غاب عن ليفربول، بدليل أن ضربته القاضية والتي بحث عنها إنما جاءت من ضربة ثابثة، بل سجل الهدف في وقت جد مناسب·
بعض الخبراء والمحللين تكهنوا أن الريال سيحسم الموقعة بامتياز لعدة اعتبارات، أهمها أنه الفريق الذي يتواجد في أفضل حالاته، ويتنزه فوق تضاريس الليغا بامتياز، إذ سجل 9 انتصارات متتالية وحصد أكبر عدد من النقاط، وكانت آخر شطحاته الرائعة عندما مزق شباك بيتيس بحصة (6ـ1)، لكن الخسارة أمام ليفربول أكدت أنه شتان بين الليغا وبين دوري أبطال أوروبا، قد تكون نتائج الليغا خادعة أمام سطوة هذه المنافسة الأوروبية، خادعة لأن برشلونة الذي تألق هذاالموسم في إسبانيا وتهيأ له أنه أعاد أسطورة فريق الأحلام الذي توج مع المدرب الهولندي يوهان كرويف وجد صعوبات جمة وهو يواجه ليون الفرنسي، ولم يقو على مقارعة أسلوبه إلا بشق الأنفس عندما نجا من الخسارة·
الأكيد أن الريال إفتقد إلى الأسلحة الأوروبية، صحيح هو فريق يملك أسلحة لليغا ويعرف من أين تؤكل كثفها، لكنه اليوم بحاجة إلى المناعة الأوروبية، ذلك أن غيابه الأخير عن منصتها أفقدته شهيتها التي تأتي بلاعبين كبار وأسماء وازنة، فعندما نتابع تشكيل أندية تشيلسي أو مانشستر يونايتد أو الأنتر وروما سيتضح الثقل الذي تنزل به الفرق عبر أسمائها ونجوميتها·· الريال يفتقد حاليا لأسماء كبيرة على مستوى الوسط والهجوم·· الأسماء التي تزعزع المدافعين وترهبهم بالسماع قبل اللقاء ليس على مستوى الليغا، بل على الصعيد الأوروبي، وما الصعوبات التي وجدها أمام ليفربول إلا دليل أنه بحاجة ليستعيد جبروته الأوروبي في مسابقة لا يدخلها إلا الكبار·